ليفربول الفائز على سيتي يرسم صورة بطل يشتهي اللقب
يبحث ليفربول منذ ثلاثة عقود عن استعادة لقب بطولة إنكلترا في كرة القدم، في مسار اقترب خلاله مرارا من تتويج لم تكتمل فرحته.
لكن فريق المدرّب الألماني يورغن كلوب الفائز الأحد على مانشستر سيتي، يرسم أكثر فأكثر صورة بطل يشتهي لقبا ويعتزم ألا يدعه يفلت منه هذا الموسم.
حسم ليفربول قمّة المرحلة الثانية عشرة من الدوري الإنكليزي الممتاز بفوز كبير وصريح بنتيجة 3-1 على بطل الموسمين الماضيين سيتي ومدربه الإسباني جوسيب غوارديولا، أتاح له الابتعاد بفارق ثماني نقاط في الصدارة عن ليستر سيتي وتشيلسي في المركزين الثاني والثالث تواليا.
تقدّم الأخيران على سيتي بفوز كل منهما السبت (ليستر على أرسنال وتشيلسي على كريستال بالاس بالنتيجة ذاتها 2-صفر). وفي حين أن الفريقين باتا في موقع أفضل من مانشستر سيتي، يبقى لفوز ليفربول على الأخير طعم آخر لاعتبارات عدّة: ففريق غوارديولا هو المنافس الطبيعي على اللقب في كل موسم، وهو الذي أحرز اللقب مرتين تواليا، وهو الفريق الذي أوجع ليفربول في 2018-2019، بتكبيده الخسارة الوحيدة له في الدوري الممتاز، وإنهائه الموسم بفارق نقطة واحدة فقط عنه.
لا يزال ليفربول، المتوّج في الموسم الماضي بلقب دوري أبطال أوروبا، يتعطش للقب محلي يعيد به أمجاد الماضي بعد عقود خلت الساحة فيها لأقطاب آخرين مثل سيتي وتشلسي ومانشستر يونايتد وأرسنال.
في هذا الموسم، يقدّم أبناء كلوب الذي يقود دفة السفينة الحمراء باقتدار منذ عام 2015، مستوى يمزج بين القوة والسرعة الفائقة، ودعم غير متناهٍ من مشجعين ما فتئوا يكررون مع كل مباراة أنشودة “لن تسير لوحدك أبدا”.
أداء ليفربول في مباراة الأمس انعكس بوضوح في عناوين الصحف المحلية، إذ كتبت صحيفة “ذا تايمز”، “في أنفيلد أمس لم يكن بالإمكان التغاضي عن الدليل القاطع بأن (ليفربول) هو فريق يؤدي مهمة”.
وتابعت “حتى أولئك المتعاطفين مع مانشستر سيتي لم يكن بإمكانهم ألا يروا أنهم في مواجهة خصوم أكثر فتكا من الموسم الماضي، وأكثر التزاما بهذا التحدي”، في إشارة لرغبتهم بإحراز لقب الدوري هذا الموسم. أرقام تقدم دليلا إضافيا؟ 12 مباراة حتى الآن، 11 فوزا، وتعادل واحد.
كان ليفربول فتّاكا بالأمس، وهز ثلاثة من لاعبيه الشباك بأسلوبهم الخاص: تسديدة رائعة بعيدة المدى للبرازيلي فابينيو لتسجيل الهدف الأول، رأسية مخادعة ومتقنة للنجم المصري محمد صلاح في الهدف الثاني، ورأسية سريعة “خاطفة” من السنغالي ساديو مانيه للهدف الثالث.
في المقابل، بدت مفاتيح اللعب التقليدية في سيتي غائبة عن المبادرة، باستثناء تحرك أفضل في الدقائق العشرين الأخيرة وهدف وحيد من البرتغالي برناردو سيلفا. الأرجنتيني سيرخيو أغويرو الذي فشل حتى الآن في هز شباك ليفربول على ملعبه، نادرا ما هدد مرمى الحارس البرازيلي أليسون بيكر، بينما قاوم رحيم سترلينغ صافرات الاستهجان من مشجعي فريقه السابق، لكن هجماته أوقفت دائما من قبل لاعبي “الحمر”.
معاناة دفاعيّة وقتال حتى النهاية
كان من المتوقّع أن يعاني سيتي على الصعيد الدفاعي في مباراة الأمس لاسيما بالنظر الى الغيابات عن صفوفه، وهذا ما تأكّد مع تمكّن ليفربول من تسجيل هدفين دون رد قبل انقضاء ربع ساعة على انطلاق اللقاء.
يحاول غوارديولا دون طائل إيجاد الحل لثغراته الدفاعيّة، وبناء خط حماية لمرماه يجاري بمستواه المواهب التي يتمتع بها في الوسط والهجوم.
فشل المدرب الكاتالوني في أن يعوّض بنجاح رحيل القائد السابق للفريق قلب الدفاع البلجيكي فنسان كومباني، وسيفتقد لفترة طويلة هذا الموسم الفرنسي إيمريك لابورت بسبب الإصابة. مباراة الأمس خاضها أيضا بغياب حارس مرماه الأساسي البرازيلي إيدرسون، وحل بدلا منه التشيلي كلاوديو برافو الذي حُمِّل جزءا من المسؤولية عن الهدف الثالث.
في الخط الخلفي أيضا، يجهد الظهير الفرنسي بنجامان مندي لاستعادة مستواه بعدما أبعدته الإصابة لفترات مطولة خلال الموسمين الماضيين.
خاض غوارديولا مباراة الأمس برباعي دفاعي يتكون من البرازيلي فرناندينيو وجون ستونز في قلب الخط الخلفي، مع كايل ووكر في مركز الظهير الأيمن، والإسباني أنجيلينيو في الظهير الأيسر. وطوال فترات المباراة، لم يظهر الأربعة قدرة على الحد بشكل فاعل من خطورة ثلاثي المقدّمة في ليفربول، صلاح ومانيه والبرازيلي روبرتو فيرمينو.
على رغم ذلك، وفارق النقاط التسع الذي بات يفصل سيتي الرابع عن ليفربول المتصدّر، رفض غوارديولا أمس رفع العلم الأبيض، منوها بأداء لاعبيه في أنفيلد، القلعة الحصينة لليفربول في الدوري الممتاز، حيث تعود خسارته الأخيرة الى 23 نيسان/أبريل 2017 أمام كريستال بالاس (1-2).
وقال غوارديولا بنبرة تحدٍ “تتبقى لنا سبعة أشهر (حتى نهاية الموسم). اذا فاز ليفربول باللقب، سأكون أول من يهنئهم على الجودة التي يقدمونها”، لكنه شدد على أنه ولاعبي سيتي يريدون “أن نقاتل حتى النهاية”.
دخلت الأندية الإنكليزيّة حاليا فترة التوقّف الدوليّة، والتي يتوقع أن تمنح غوارديولا فرصة للتأمّل هو في أمسّ الحاجة إليها، لاسيما وأن مباراته الأولى بعد هذه الفترة ستكون عندما يستضيف في المرحلة الثالثة عشرة، تشيلسي الذي حقق السبت فوزه السادس تواليا.
ويحلّ سيتي ضيفا على بيرنلي بعد تشيلسي، وتنتظره بعد ذلك ثلاثة مواعيد صعبة تواليا: يستضيف غريمه مانشستر يونايتد، يحل ضيفا على أرسنال، ويستضيف ليستر سيتي الثاني.
وعلى رغم ذلك، يحاذر كلوب من الافراط في الاتجاه الى حسم اللقب من الآن. وقال بعد مباراة الأحد “قال البعض بنسبة 100 بالمئة إن الدوري بات في حوزة ليفربول (…) لكن هذه مقاربة سلبية جدا”.
وتابع “الضغط ليس موجودا حتى الآن. ربما سيأتي، لكن في الوقت الراهن نحن لا نزال أمام فرصة وعلينا اقتناصها، علينا أن نقوم بالعمل، أن نقدم كل ما لدينا، وبعدها نرى ما سيحدث”.
اعتبار ليفربول قريبا من اللقب لا يستند إلى علم الغيب، فالفريق الأحمر لم يفرّط سوى بنقطتين في آخر… 21 مباراة له في الدوري الممتاز.
المصدر: وكالات